جاءت الاحتجاجات والفعاليات الشعبية في مختلف أرجاء قطاع غزة صارخة وحادة، ضد غلاء المعيشة وتراجع الأحوال الاقتصادية لعامة الناس، وضد زحف كابوس الفساد في المؤسسات التي تستقبل خريجي الجامعات وفي كل فرصة تستغلهم هذا على صعيد أما أخر تنهب خيرات البلاد.
حالات التذمر لم تأت هكذا دون مقدمات، حيث الأزمة متعددة ومُركبة، ويمكن تحديد أسبابها بعدد من العوامل، كان أولها الأزمات المالية العامة التي تعانيها السلطة الفلسطينية منذ فترات طويلة.
وما فاقم الأمر، أن معاناة المواطنين زادت مع انتشار حالة الفقر والبطالة، حيث مئات ألاف المواطنين دون عمل، فيما شبكة الأمان الاجتماعي التي تقدمها الحكومة محدودة.
استفحال الاحتلال
ونتطرق في مقالنا إلى عوامل أخرى عرقلت الوضع من أهمها: تفاقم الأزمات السياسية الناتجة أصلاً عن انسداد الأفق أمامها في المنطقة، وخاصة على المسار التفاوضي الفلسطيني ـ الإسرائيلي، إضافة إلى استفحال السياسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني، وانتهى الأمر بفرض حصار لا زال قائماً لحتى اللحظة.
كما وأن واقع الاحتلال من جهة، وحالة الانقسام الداخلي في الساحة الفلسطينية من جهة ثانية، أثرا سلباً على قدرة الحكومة الفلسطينية في التعامل مع الاحتياجات والأزمات الاقتصادية، الناجمة في جزء منها عن الارتفاع العالمي في أسعار السلع الأساسية المستوردة.
الانقسام الفلسطيني
الانقسام الداخلي زاد من عموم المشكلات في الأراضي الفلسطينية خاصة قطاع غزة، وقد أحدث شرخاً وتعطيلاً في البرامج التنموية المطلوبة، وساعد بعض الدول المانحة على التملص من التزاماتها التي سبق وكانت قد أعلنتها تحت دعوى وجود انقسام فلسطيني.
ويبقى القول بأن الأساس في كل ما يجري في الأرض الفلسطينية، يعود للاحتلال وسياساته، فهو الطرف الأكثر تأثيراً على الحالة الفلسطينية عامة، وعلى الاقتصاد الفلسطيني بوجه خاص، ومن هنا فإنهاء الاحتلال يبقى المهمة المركزية والأساسية التي لا تعلو فوقها مهمة.
عراقيل على المعابر
الاحتلال هو الذي يَحد في نهاية المطاف من النمو الاقتصادي في فلسطين، بفعل نظام التَحكم والسيطرة التعسفي، من خلال العراقيل على المعابر وغيرها من الإجراءات، كالاستحواذ على أموال الضرائب المجباة لقاء البضائع المتدفقة للضفة الغربية وقطاع غزة.
بالإضافة إلى الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث تمثل جباية دول الاحتلال للضرائب التي تجمعها نيابة عن الحكومة الفلسطينية، ثلثي الميزانية، وتفوق مبلغ مليار دولار أميركي سنويا، وذلك بموجب اتفاق باريس الاقتصادي، لكنها تبقى تحت رحمة اليد الإسرائيلية، التي تصرفها وتسلمها للسلطة الفلسطينية أو تدعها محجوزة بين يديها، تبعاً للحالة السياسية.
خاص اليوم الإخباري- هاني الإمـــام