خــاص/ اليــوم الإخبـاري
تقدم الأمم يعتمد على اهتمامها بالدرجة الأولى بتخريج أجيال قادرة على التفكير والابداع لا على الكسل والروتين والتبعية، لذا فإن التعليم ليس تعلم الحقائق فحسب، انما هو تدريب العقل على التفكير، وهذا يأتي من وعي الدول بذلك.
اليوم كل شيء يختلف عن السابق، كل شيء بدا وكأنه عالم جديد يؤسس لمرحلة جديدة تغزوها التكنولوجيا التي لا نرغبها ولا نحبها رغم أننا من محبي التطور والتقدم والوصول الى أرقى درجات التكنولوجيا المتحضرة التي تنفعنا في علمنا وحياتنا.
لكن اليوم نحن أمام مشهد خطير للغاية حينما تجد الأطفال لا يروق لهم بالاً إلا إذا خصصت له جوالاً حديثاً مكدساً بالألعاب والتطبيقات التافهة، ليتفننوا في اضاعة أوقاتهم في شيء لا يغذيهم سوى الحسرة المستقبلية.
يمر العالم في أسوأ فترةٍ تغزوها جائحة كورونا والتي ألقت بظلالها على كافة مناحي الحياة، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية وغيرها، حيث تعطلت مناحي الحياة بأكملها في العالم أجمع، وكان الاغلاق الشامل هو المصطلح الابرز في ذلك الوقت.
في قطاع غزة، لا زالت الأوضاع غير مستقرة وايام الإغلاق تحاصرنا، والوباء ينتشر في كل أرجاء القطاع دون استسلام أو تراجع، يحصد الأرواح ويصيب والمعافى ويشل حركة السير في الطرقات، تزامناً مع ظهور وانتشار الطفرة الجديدة، الأمر الذي أجبر الحكومة بغزة اسعاف الوضع السيء قدر المستطاع من أجل سير الحياة.
وأحد أكبر المتضررين في الوباء هو قطاع التعليم، حيث بدأت الحكومة وبعد إغلاق المدارس، بإعداد خطط لاحلال التعليم عن بعد كوسيلة أساسية بدلاً عن التعليم الوجاهي، معتبرين أن المدارس هي من تشكل بؤرة تفشي وانتشار للوباء بين الطلاب.
الأمر في البداية لم يكن بالسهل، حيث كان امتلاك جميع الطلبة أجهزة ذكية تمكنهم من متابعة التعليم عن بعد عائقاً كبيراً أمام استمرار المرحلة، مهما وجدت عائلات بامكانها توفير ذلك لأبنائها في المقابل هناك أخرين غير قادرين على توفير قوت يومهم وليس الأجهزة المطلوبة.
حتى وان توفرت كل الامكانيات لدى الطالب من أجل استمرار التعليم عن بعد، لا يغني ذلك عن اعتماده كأسلوب رئيسي في السنوات القدامة وذلك لأن المدرسة هي المكان الآمن المهيأ للدراسة الذي يتيح فرصة المناقشة بين الطالب والمعلم وجها لوجه ولا يمكن أن يعوض التعلم عن بعد او يلغي الوجاهي .
ان التعليم الالكتروني رغم انه جاء ليسد ثغرة كبيرة في ظل انتشار جائحة كورونا وحرصا على سلامة الطلاب، لكنه لا يتعدى أكثر من أن يكون طريقة احتياطية لفترة زمنية مؤقتة، رغم ايجابيته .
ختاما، ليس من السهل ان تقنع الطالب بالجلوس أمام الحاسوب لأحذ حصته وأداء واجبه اليومي، في الوقت الذي يستخدم ذات الحاسوب للترفيه عن نفسه، كما أن دور المعلم غائب بدرجة كبيرة لمتابعة طلابه عن كثب، كل ذلك يشكل معوقات المرحلة التعليمية وينذر بخطر كبير يؤثر على جيل كامل لا سيما الأطفال في المراحل التأسيسية، لكن الخوف من منع تفشي وباء كورونا والتصريح بتفشي الجهل على المدى البعيد.