خــاص/ اليــوم الإخبـاري
يتصور البعض بأن كل شيءٍ يمكن فعله في السياسة هو بداية التطبيع مع الاحتلال، وبداية الطريق نحو شرعنة الاحتلال الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينية، ونحو الاعتراف باتفاقية أوسلو التي تعترف بكيان الاحتلال ودولته في فلسطين.
ليس كل عملٍ وطني جامع ينم على الوقوع في الخيانة ولا الانشقاق عن الصف الوطني ولا التراجع عن المقاومة في الدفاع عن بلادنا ومواجهة المحتل الغاصب، ولا التخلي عن مقومتنا الباسلة التي تحافظ على حقنا المسلوب.
العملية الانتخابية المرتقبة خلال الأيام القادمة جاءت تلبيةً لنداء الشعب الفلسطيني في اختيار قادته، واسترجاع لوحدة تمزقت احشائها لسنوات، وليس كما يدعي البعض بأن العملية الانتخابية هي تجديد لشرعية "أوسلو"، ولشرعية سلطة تنازلت عن حقها التاريخي في فلسطين.
العملية الديموقراطية لم تكن يوماً بمثابة تخلي عن أصول أو تنازل عن حقوق، العلمية الانتخابية تُقام وتُدار ويتحكم فيها أبناء الشعب الفلسطيني قبل قادته، وهي عملية وطنية داخلية لا علاقة لأي طرف من الأطراف الأخرى التدخل فيها سوى بالمراقبة من أجل انجاح العلمية الديموقراطية وليس بالتدخل في شؤونها.
هناك بعض الفصائل الفلسطينية تعرف حجمها بين الفصائل الأخرى، وتعرف شعبيتها بين أوساط الناس، وتقيّم في كل مرحلة جماهيرها المؤيدة لها، وتقارن نفسها في الانتخابات السابقة، تجد نفسها في حال رغبتها المشاركة في الانتخابات سوف تخسرها بكل تأكيد، ولا تحصل على المقاعد التي تؤهلها لتكون صاحبة قرار داخل المجلس التشريعي لذا تقرر الانسحاب بشرف من الانتخابات وتبدأ بركب موجة الوطنية الزائفة والتشكيك في العملية الانتخابية ووصفها بأنها مسرحية مضللة، ليست إنجازاً وطنياً.
ان الشعب الفلسطيني عانى الويلات نتيجة الانقسام الدامي الذي استمر لاكثر من 15 عاماً، وألقى بظلاله على الحياة المعيشية في فلسطين وعلى وحدة الشعب ووحدة فصائله، حيث تعتبر العملية الانتخابية هي الطريقة الأولى لاستعادة الوحدة، وكانت فرحة لا توصف في اوساط الفلسطينيين حين الاعلان عن موعد الانتخابات حيث الأمال كلها معلقة عليها من اجل الحصول على وضع معيشي يليق بتضحيات هذا الشعب، لذا لا يجب الاستهتار في تلك الخطوة التي كنا نرتقبها منذ سنوات طويلة ولا يجب شتم الخطوة التي تعتبر بطاقة لم شمل الفلسطينيين بعد سنوات الصراع.
لا احد يمكن تجميل صورة عدو استحل أرضه ولا يمكن لأحد أن يتنازل عن شبر واحد من ارض فلسطين سواء كان يعتبر المقاومة هي السلاح الوحيد والطريقة المثلى لمواجه الاحتلال أو من كان يعتبر التنسيق الأمني هو الخيار الأمثل لتحديد طريقة الصراع مع المحتل، لذا لا يمكن القول مطلقا بأن الانتخابات تحت الاحتلال هي رسالة توحي بإمكانية التعايش مع العدو والقبول بما يفرضه على الشعب الفلسطيني، انما هي بداية لمشروع فلسطيني وطني جديد لإقصاء الاحتلال ونزع حقنا من أنيابه البالية.
ان الاحتلال الاسرائيلي لم يحتل فقط الضفة الغربية والقدس، انما يحتل قطاع غزة أيضا بالدرجة الأولى وهذا لا يمكن اخفاؤه، نحن لا نُعتبر دولة مستقلة بذاتنا، انما نتبع للسلطة الفلسطينية لكن بإدارة مختلفة، لا يمكن اعتبار ان الضفة الغربية والقدس هم من يحتلهم الاحتلال وغزة هي الدولة المحررة، ان فلسطين كلها ترزح تحت ظلم الاحتلال وجبروته ويفرض سيطرته الكاملة ويتحكم بالداخل والخارج منها ويسيطر على حدودها حتى وان لم يكن موجود على ارض غزة.
أخيراً، لا بد من الايمان بأن طريق الوحدة هو طريق الانتصار، وأن الوحدة لا تأتي بتعنت الأطراف القوية بين الفصائل الفلسطينية انما تأتي بتنازلهم عن رغباتهم ومد الأيدي للتصافح من أجل تحقيق الوحدة الوطنية المرجوة، والبوابة لذلك هي الانتخابات الفلسطينية التي ستشارك فيها أطياف الشعب الفلسطيني ومحبي الوطن والساعين لتحقيق انجازاً وطنياً يخدم القضية وصولاً بالتحرير.